عرفات أبو عصر.. رحلة نزوح صعبة تعتاش على التكية والطرود

يعيش المواطن عرفات رباح يوسف أبو عصر، في حياة النزوح منذُ أشهرٍ طويلة، حيث تنقّل خلالها بين أكثر من مكان، كُلها عاشها بين محطّات الخيم، مرةً في النايلون ومرةً في الشوادر ومرةً بين خيم القُماش الحارّ اللاهب.

كان عرفات في الأصل من سُكان منطقة جباليا النزلة، شمالي قطاع غزّة، وهو يبلُغ من العُمر 60 عامًا، بدأت رحلةُ نزوحه أولًا من جباليا إلى منطقة الصفطاوي، ثم إلى مستشفى الشفاء غرب غزّة. نزحت عائلتهُ من المدينة إلى الجنوب، أولًا نحو مخيم النصيرات، وبعد احتلاله، إلى مدينة خانيونس، قبل أن تبدأ رحلة نزوحٍ أُخرى إلى رفح، التي لم تكُن الأخيرة، إذ هربت العائلة مرةً أخيرة نحو الزوايدة، نتيجة قصف المدينة واحتلالها.

والآن موجودين هُنا في مخيم نائي لا يوجد فيه خدمات ولا مُساعدات، والوضع صعب. وضع المواصلات كان سيء والتنقل من مكان لآخر كان بهدلة كبيرة“، بهذه الكلمات يتحدّث أبو عصر، بتعبٍ وحرقةٍ كبيريْن، عند الحديث معهُ عن قصة نزوحه المريرة.

اليوم احنا نعتاش على الطعام والأكل في التكية، يوم عدس ويوم فاصوليا ورز.. الأطفال ما بنطعميهم غير طعام لا يُقوّم أجسادهم. عدا الأمراض والظروف الصعبة في الحرّ الشديد، لا نستطيع مساعدتهم لعدم وجود أدوية.

عرفات أبو عصر

الطرود تُساعد وتُخفف

في المُخيم النائي الصغير، والذي تحرقه حرارة الشمس والصيف، قام المنتدى الاجتماعي التنموي SDF، بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية NPA، من خلال شبابه ومتطوعيه، بتوزيع عشرات الطرواد الغذائية، على الأسر النازحة، التي يعتقد أنّها تُساهم في مساعدة العائلات في ظلّ مرارة النزوح.

استلمت طرد غذائي قبل قليل، الطرد بفيدنا بوجود مواد غذائية مُختلفة فيه، من ناحية الزيت والشاي والسكر وغيرها من الأشياء. الأداء كان مُمتاز جدًا، الإدارة مُميزة والتوزيع تم بهدوء بدون أي مشاكل أو ملاحظات، والشباب كان تعملهم مُحترم.

عرفات أبو عصر

عندما سألناه عن عمله، قال “أنا الآن عاطل عن العمل، كُنت أعمل في الحدادة وكبرت في السنّ ولم أستطع استكمال عملي، واليوم في الحرب الوضع أصعب. لدي ولد واحد، يعمل في وظيفة لا يأخذ فيها راتبًا كافيًا لكُلّ الأسرة، وهو المعيل الوحيد لنا. نجلس جميعًا في خيمة”.

لذلك، فإنّ توزيعات الطرود الغذائية وما جرى تقديمه، يُعد إضافة هامّة على حياة العائلة التي تعتاش عادةً على التكية. محتويات الطرد من الأجبان والزيت والزعتر والمُعلبات والبقوليات والأرز والسُكر، كُلها تُشكّل تغييرًا في الحياة اليوميّة، بدلًا من أكل العدس الجاهز أو الخُبز من أيّ مُساعدة يوميّة قريبة.

وعن دور المؤسسات ومدى الفائدة التي تُقدمها من خلال توزيع الطرود الغذائية، يقول “شكرًا لكل المؤسسات التي تُساعدنا وتتذكرنا، لكن الشيء الذي يصل للناس قليل ولا يكفي حاجتها. من أربعة أشهر هذه أول مساعدة أتلقاها بعد خروجنا من رفح”.

لا زال الأمل موجودًا..

يتذكُر الحاج الستيني بيته في شمال غزّة، ويقول إنه فارغ ومُدمرّ من الداخل. يتحسّر على ذلك، ثم يقول “سأعود إلى غزة، إلى خيمة، بعد أن عشت لأشهر في الجنوب في خيم”.

رغم هذه الظروف السيئة والمريرة، وصعوبة الوضع، إلا أنّ لدى عرفات أبو عصر بعض الأمل في أن يعود كُلّ شيء كما كان، على الأقل أن يعود إلى بيته في شمال قطاع غزّة، ليؤسسهُ من جديد، وعندما سألناه “عندك أمل يا حج؟”، قال “إن شاء الله، في أمل، الأمل في وجه الله”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *