6 مساحات تعلُم آمنة لليافعين والأطفال.. المُنتدى يتحدّى الواقع ويعود بالأمل!

نجح المنتدى الاجتماعي التنموي SDF، بجهود شبابه ومتطوّعيه، بافتتاح 6 مساحات تعلّم آمنة، تتوزّع على كُلّ مناطق قطاع غزّة، في إطار مشروع “شبكات الشباب لتعزيز فرص التعلم والرفاهية للأطفال واليافعين“.

وتتوزّع مساحات التعلّم في ثلاثة مناطق رئيسية، في محافظات جنوب قطاع غزّة، وفي وسطه، وفي غيرها في شمال القطاع، بواقع مساحتيْن في كُل محافظة، يعمل في كُل واحدة منها 6 مُعلمين، يقومون بتدريس الطُلاب والأطفال مواد متنوّعة، هي اللغتيْن العربية والإنجليزية والرياضيات.

ويجري تنفيذ المشروع من قبل المنتدى التنموي الاجتماعي SDF بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونسيف”، بمشاركة اللجنة الاستشارية الشبابية “YAP”، ويهدُف إلى تحسين وصول الأطفال والمراهقين إلى أنشطة التعليم غير الرسمي ورفع الوعي بقضايا العنف والحماية وتحسين مهاراته، بحيث يسعى إلى زيادة مشاركة الشباب من كلا الجنسين  في دعم المبادرات التعليمية والترفيهية للمراهقين والأطفال وتشكيل شبكة شبابية لتحقيق هذا الغرض.

الأطفال.. اليافعين.. الشباب

وتستهدف المساحات الآمنة الأطفال من عُمر (9 إلى 13) واليافعين من عُمر (14 إلى 17)، وتعمل على تعزيز الرفاهية للأطفال واليافعين من خلال الأنشطة الترفيهية والتوعوية، وتعزيز مشاركة الشباب من عُمر (18 إلى 24) من خلال تدريب الأقران وتنفيذ  مبادرات تدعم التعليم والرفاهية.

من الشمال إلى الجنوب

المساحات التعليميّة، أنشئت في داخل مُخيمات نازحين ومراكز إيواء، وقد جاءت المساحات في مناطق شمال قطاع غزّة، في مدرستيْ عبدالرحمن بن العوف، وفلسطين، أمّا مساحات المنطقة الوسطى، فقد تركّزت في مخيم الهلال الأحمر الفلسطيني “مخيم العودة”، ومخيم “عشان فلسطين “3”، بينما جاءت المساحات في منطقة جنوب القطاع، في مخيم الزومي، ومخيم الأردن الكويتي، في مدينة خانيونس والمواصي.

تحديات رغم الإقبال الكبير

في أجواء تفاعليّة ومُتميّزة، تُعيدنا إلى زمن الحياة العاديّة وإنطلاق العام الدراسي، أصرّ المنتدى الاجتماعي التنموي على إطلاق عملية التعليم في المساحات الآمنة، حيث تمّت عملية الإطلاق بحضور مُمثلين عن المنتدى و”يونسيف” ولجنة الشباب الاستشارية، عدا عن حضور الأهالي وسُكان المُخيمات ومراكز الإيواء والطلبة. 

يقول عبد الحكيم عوض، المنسق الميداني في المنتدى الاجتماعي التنموي، إنّ المساحات التعليمية شهدت إقبالًا كبيرًا من الناس، حيث أصرّ المئات على تسجيل أبنائهم، لكنّ ومع الوقت كان هُناك عدد من التحديات التي لا زلنا نسعى لمواجهتها بقوّة، وصولًا إلى الهدف.

من التحديات الكبيرة، وجود أولويات لدى الأهالي والأطفال، حيث تزيد مُعاناة النزوح من سوء الأوضاع، وتزيد المسؤوليات على الأطفال، مثل احتياجهم إلى تعبئة المياه أو شراء الطعام أو مُساعدة الأسرة في استلام المُساعدات، ما يضطر بعض الأطفال للتغيّب عن التعليم بعد مُدة من بدئه.

لكن، يرى عوض أنّ هذا الأمر بدأت مساحات التعلم بتجاوزه، بعد أن شاهدوا أثر مشاركة الطلاب ينعكسُ على عائلاتهم داخل الخيم، فيرى الأهالي دور مهارات التعلّم والمهارات الحياتيّة التي تلقوها، داخل حياة النزوح، وانعكاسه الإيجابي على الوضع هُناك.

انطلقنا إلى داخل الخيم التعليمية، وسألنا المُعلمين عن أداء الطلبة وعن الأجواء فيها، وتحدّثت المُعلمة آمنة سعود إن “الأوضاع تقريبًا كانت فيها العديد من التحديات الكبيرة، من بينها عدم التزام الطلاب والأطفال بشكل مُستمر، وهو ما خلق أمامنا تحدٍ بأن نجعلهم يلتزموا ويستمرّوا”.

وتُضيف آمنة، وهي مُعلمة لغة عربية كانت في مُخيم “عشان فلسطين 3″، أنّ المعلمين لاحظوا إقبالًا كبيرًا من الطلاب والأطفال، انعكست داخل غرف التعليم. كما أنّ الأهالي شاهدنا منهم اهتمامًا كبيرًا. يأتي كُل أم وأب للاطمئنان على أطفالهم، يقدموا كل الاحتياجات التي يتم طلبها، وهكذا”.

وعن دور المُعلمين وأسلوبهم، تقول آمنة إن المُعلمين لا يُقدموا مادة تعليمية كاملة بحتة، إنما ينقسم الدور في التقديم إلى 70 بالمئة أنشطة وألعاب، كي تُساهم في التخفيف عن الأطفال، عمّا قاسوه خلال 10 أشهر من الحرب، بالإضافة إلى 30 بالمئة، تتضمّن مادة تعليمية، في غالبها تقوم على التعلّم النشط.

“لاقينا نتيجة إيجابية، ولقينا الأطفال بتخرج من جو الواقع الصعب”، بهذه الكلمات تتحدّث آمنة بحماسة ونشاط عن الدور الذي انعكس على الطلبة.

كادر تعليمي مميّز وتدريب مكثّف

وتلقى المُعلمين تدريبًا حول مهارات التعلم النشط، على مدار يوميْن،  حيث ستنعكس هذه المهارات على عملهم وأدائهم خلال العملية التعليميّة للأطفال، إذ يُقدّم المعلمين تعليمًا مشتركًا، بين التعليم النشط وتعليم المهارات الحياتية للأطفال، كي يواكبوا الواقع الذي فُرض عليهم وباتوا يعيشونه.

وسبق أن قام المعلمون بإعداد مجموعة من المواد التعليميّة المرجعيّة، التي تتضمّن عدة بطاقات تعليمية لكُل فئة عُمرية موزّعة على عدّة فئات بالصفوف: (الرابع والخامس، السادس والسابع، الثامن والتاسع، العاشر والحادي عشر)، حيث تم إعداد 4 بطاقات تعليميّة لكُل مادة، من المواد الثلاث التي ستُقدّم للطلبة.

ويقوم النظام التعليمي في المساحات الآمنة التي أنشأها المُنتدى، على ثلاث ساعات تعليميّة يوميًا، ستُقدّم للطلبة، تنقسم إلى ساعة ونصف من التعليم لكُل مادّة، وساعة ونصف أُخرى لتقديم المهارات الحياتية، التي تلقّى المعلمون تدريبًا حولها.

والهدف من تقديم مادة المهارات الحياتية للطلبة، التأكد من مواكبتهم للواقع وقدرتهم على التكيّف مع الظروف الحالية، والقدرة على التعامل معها، في ظلّ حياة النزوح والخيم التي بات أكثر من مليونيْ شخص من سُكان غزّة يعيشونها.

وتحدّث حمزة أبو عيشة، المنسق المُساعد والمختص التربوي في المشروع، عن التدريب الذي تلقاه المُعلمين، قائلًا إنه “يهدف إلى تزويد المعلمين والمعلمات العاملين ضمن المشروع بأهمّ استراتيجيات التعلم النشط اللازمة لتوظيفها داخل البيئة التعليمية، حيث ركّز التدريب على تزويد المتدربين لهذه الاستراتيجيات بالشكل النظري والعملي”.

تم تزويد المتدربين بالمعلومات اللازمة حول أهم المدارس التربوية مع التركيز على التربية النمائية، كونها تُركّز على التعلم النشط، يُذكر أنّ التعلم النشط بمفهومه الواسع والتفصيلي وأهدافه ومكوناته تم شرحها للمتدربين والمتدربات لتكون قاعدة إنطلاق نحو تطبيق الاستراتيجيات الخاصة بالتعلّم النشط.

حمزة أبو عيشة، المنسق المُساعد والمختص التربوي في المشروع

وأضاف “تم تدريب المُعلمين على توظيف الاستراتيجيات المذكورة أعلاه خلال الأوقات العصيبة، لا سيما التي يعيشها شعبنا حاليًا وكيفية دمجها مع الألعاب التنشيطية وأنشطة الدعم النفسي، بهدف الوصول إلى أفضل النتائج الخاصّة بالطلاب والطالبات”.

 أمّا المُعلمة آمنة سعود، فتقول عن التدريب “صراحة كان كتير مُفيد، كمُعلمة أفادني وأضاف لي اشياء في التعامل مع الطلاب، وقدرة على إني أتعامل معهم من ناحية ألعب وأشارك معه في النشاط، قبل التدريب كنت مجرد موجه للنشاط الآن أنا بساهم في النشاط نفسه.. أضافلنا نوعية منيحة من الألعاب والأنشطة، اللي انعكست على غرف التعليم”.

يُشار إلى أن المساحات الستة، تأتي في إطار مشروع “شبكات الشباب لتعزيز فرص التعليم والرفاهية للأطفال والمُراهقين“، الذي أطلقه المُنتدى الاجتماعي التنموي “SDF”، بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونسيف”، ولجنة الشباب الاستشارية “YAP”، في قطاع غزّة.

ويهدُف المشروع إلى إعادة الأطفال والمُراهقين إلى الأجواء التعليميّة ومحاولة التخفيف من الفجوة التي يُعانون منها، نتيجةً للانقطاع الطويل عن العملية التعليمية الرسميّة جراء الحرب المُستمرة منذُ أكتوبر 2023، لكن بطريقة مُختلفة وتفاعليّة وشبابيّة أكثر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *