سلمان مُرتجى: مرارة النزوح والبُعد عن الأولاد
يعيش الحاج المُسن سلمان سعدي مُرتجى، في خيمة بمنطقة مواصي خانيونس، التي اعتبره الجيش الإسرائيلي “منطقة إنسانية آمنة”، ضمن خرائطه التي نشرها مرارًا. إلى جانب عشرات الأسر يعيش مُرتجى، في مخيمات النزوح، في وضعٍ صعب وكارثي، وبأدنى الخدمات التي تُقدم لإنسان.
مُرتجى وهو من سكان مدينة غزّة الشجاعية في منطقة التُركمان تحديدًا، يعيش الآن مع زوجته وابنته في خيمة قدّمها المنتدى الاجتماعي التنموي SDF، بالشراكة مع مؤسسة ShelterBox، بعد أن جرّب رحلات نزوحٍ مُتكررة وطويلة وصعبة في الأشهر الأخيرة.
عن هذه المُعاناة والتعب الطويليْن، يقول المُسن الغزّي “رحلة النزوح من مكانٍ إلى آخر تُعتبر غُربة بحد ذاتها.. رحلة من العذاب والبُعد عن البيت، البيت الذي راح وتم تدميره، وبيتي الأول أيضًا أصبح من الماضي”.
مُعاناة النزوح تعني التشرد القهر، الوجع، الغربة، ابنك في مكان وابنتك في مكان وأولادك بقيتهم في مكانٍ آخر. لا نعرف فرصة للتجمع ولا للعيش ولا لنلتقي، نعيش في وضع غير مُستقر، كل شهرين ثلاثة حتى أستطيع مكالمة شخص منهم، لا اتصالات ولا انترنت ولا غيره. بقيت لوقت طويل بدون قدرة على التواصل مع أبنائي.
سلمان مُرتجى
نزح مُرتجى أكثر من 15 مرة، بين بيوتٍ وخيم ومراتٍ جلس فيها مع عائلته في الشوارع، بلا احتياجات ولا أدنى مقوّمات، هاربًا من القصف والصواريخ، ومع إصدار أوامر الإخلاء الإسرائيلية المُتكررة والطويلة، التي لا تترك للعائلة مجالًا سوى الهرب بما عليها من ملابس.
يقول مُرتجى: “هذه المرة التي نزحت فيها يمكن المرة الـ 15 أو 16 للنزوح.. نزحت من غزة إلى النصيرات إلى خانيونس إلى السطر الغربي إلى رفح، ومن رفح إلى النصيرات، حتى مواصي خانيونس”.
ويُضيف “نعيش في معاناة طويلة، نعيش في خيمة، الله أعلم كيف هي طريقة الحياة التي نعيشها، لا مصدر رزق.. ولا أمل إلا بالله”.
قام أعضاء المنتدى الاجتماعي التنموي بزيارة مُرتجى في مكان نزوحه في مواصي خانيونس، ليكتشفوا أنّ الواقع الصعب الذي تعيش فيه عائلته، كارثي، ولا يرقى للوضع الإنساني، حيث يعيش في جوٍ حار بلا مقوّمات، وهُنا قرروا مساعدته بعد التأكّد من حالته وفق المعايير.
وعن المُساعدات التي جرى تقديمها، قال “الخيمة التي استلمناها هي مساعدة مهمة، تستر العائلة وبتعطيها مأوى مُناسب.. زوايا تأوينا وتجمع أفراد عائلتي”.
ويُضيف مُرتجى عن الوضع الذي عايشته الأسرة سابقًا، بالقول “كُنا في معاناة كبيرة من شدّة الحر والشمس القارسة والقهر والمياه والكهرباء وغيرها من الطعام والأشياء غير المتوفرة. الحمدلله قدموا لنا الفراش والبطاريات وكل الاحتياجات، والخيمة مناسبة وممتازة مساحتها. فيها تهوية وخدمات جيدة لنا”.
وقامت المؤسسة بتوزيع جالونات المياه، مع خيمةٍ كاملة لمعيشة الأُسرة بكامل احتياجاتها، إضافةً إلى الفراش والأغطية، وباقي المُستلزمات الحياتية التي ستُعين مُرتجى وعائلته، حيث قال عن ذلك “احنا عنا احتياجات لجالونات مياه وحرامات ومنظفات وخيم، كل هذه الاحتياجات تُساعد على إكمال حياتنا”.
ينتظر مُرتجى مع عائلته، الفرصة كي يعود إلى مدينته وإلى حيّه، حي الشجاعية في غزّة، كي يكون مع باقي أولاده الذين تفرّقوا نازحين في عدة أماكن، وكي يحاول إعادة تأسيس الحياة كما يجب، بين أبناء حارته وجيرانه وأصدقائه وأقاربه، رغم علمه أن عددًا كبيرًا منهم رحل نتيجةً للعدوان.
وعند سؤاله عن الأمل، قال مُرتجى “دايمًا لسة في أمل.. الأمل بوجه الله. لا بالمفاوضات ولا بالتصريحات، لأن واقعنا أصعب من إدراكه من خلال الأخبار ولا المجتمع الدولي”.